«البشبيشي»: الإخوان جماعة "للإيجار السياسي".. تآمرت على ملوك ورؤساء وخانت كل من استخدمها
قال طارق البشبيشي، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، إن جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها تلعب دورًا "وظيفيًا مأجورًا" لخدمة كل من يستأجرها لتحقيق أهداف سياسية مؤقتة، مشيرًا إلى أن الجماعة ما تلبث أن تنقلب على من رعاها واستعملها، باستثناء المستعمر البريطاني الذي أنشأها لتخريب المشروع الوطني المصري وإضعاف روح الاستقلال.
وأوضح البشبيشي أن "الإخوان" وُلدت كجماعة سياسية تُستخدم ضد الخصوم، ثم تتحول إلى أداة تخريب في يد من وثق بها. وقال إن القصر الملكي استخدم الجماعة في بداياتها، بتحريض من رئيس الوزراء علي ماهر باشا، لمواجهة شعبية حزب الوفد وزعمائه، لكن الإخوان سرعان ما انقلبوا على الملك فاروق نفسه، بعدما وصفوه سابقًا بـ"الخليفة المؤمن" و"فاروق الأمة"، ليقودوا لاحقًا حملات تشويه ضده عندما تراجعت قوته السياسية.
وأشار إلى أن جماعة الإخوان استُخدمت أيضًا من قبل حزب السعديين نكاية في خصمهم السياسي الوفد، غير أنهم اغتالوا النقراشي باشا، رئيس الوزراء وزعيم الحزب، ما يعكس نمط الخيانة المتكرر في سلوكهم السياسي، قائلاً: "لا أحد يتعلم، وألاعيب الإخوان تعلو على الجميع."
وتابع البشبيشي: الوفد نفسه، رغم إدراكه لتاريخ الجماعة الدموي، عاد للتقارب معهم عام 1951 بعد تولي مصطفى النحاس باشا رئاسة الحكومة، متجاهلًا حادثة "السيارة الجيب" التي كشفت التنظيم السري المسلح للجماعة وضلوعها في أعمال عنف، مضيفًا أن هذا التحالف السياسي قصير النظر تكرر لاحقًا مع جميع الأنظمة.
وأضاف البشبيشي أن ثورة يوليو 1952 كانت محطة جديدة في علاقة الجماعة بالسلطة، إذ استعان بها "الضباط الأحرار" لتثبيت الثورة في الشارع ضد الأحزاب القديمة، موضحا أن الجماعة خانت الجميع مجددًا بعد خروج الملك فاروق من مصر، وتحالفت مع النظام الجديد أملاً في السيطرة عليه من الداخل.
وأوضح أن نوايا الجماعة انكشفت سريعًا حين تورطت في التآمر على الرئيس جمال عبد الناصر، واتصالها بالإنجليز، حتى جاءت محاولة اغتياله في حادث المنشية الشهيرة عام 1954، قائلًا: "تلك كانت ذروة خيانتهم، خانوا الثورة كما خانوا من قبل القصر والوفد والسعديين."
وأشار إلى أن عبد الناصر حاول لاحقًا أن يترك لهم مساحة بشرط الابتعاد عن العمل السياسي، لكنهم عادوا للمؤامرات من جديد حتى اكتُشف تنظيم سيد قطب المسلح عام 1965، ليؤكدوا، بحسب تعبيره أنهم لا يتوبون ولا يتراجعون عن العنف.
واستطرد البشبيشي قائلًا إن الرئيس أنور السادات وقع في نفس الخطأ التاريخي حين استعان بالإخوان لتقوية نظامه وإضعاف خصومه من التيارات اليسارية والناصرية، فسمح لهم بالعودة إلى النشاط العلني، لكنهم كانوا سببًا في اغتياله لاحقًا بعدما خرجوا عن السيطرة وأطلقوا رصاصاتهم نحوه في مشهد مأساوي ما زال يذكّر بخيانة الإخوان لكل من منحهم الثقة.
وأشار الباحث إلى أن الرئيس الأسبق حسني مبارك حاول بدوره أن يوظف الإخوان لموازنة التيارات السياسية، لكنه لم يسلم من أذاهم، إذ طالبوا بإعدامه أثناء أحداث يناير 2011، مؤكدًا أن الجماعة لا تعرف الوفاء ولا الشراكة السياسية، بل تسعى دائمًا للهيمنة والانفراد بالسلطة.
وكشف البشبيشي عن واقعة تُظهر "نكران الجميل" لدى الجماعة، قائلاً إن عصام العريان، أحد قيادات الإخوان، بعث برسالة إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك عبر عمرو موسى، تضمنت تهديدًا صريحًا بأنه لن يخرج من سجنه إلا إلى قبره، مضيفًا بسخرية: "لكن العريان نفسه خرج من سجنه إلى قبره كما تمنى لمبارك."
واختتم الباحث تصريحه محذرًا من تكرار "الخطأ القاتل" في التعامل مع الجماعة، مؤكدًا أن الإخوان "عدو مبين وشيطان لئيم"، وأن من يتغافل عن هذه الحقيقة أو يحاول إعادة تدويرها سياسيًا، إنما يفتح الباب لتاريخ جديد من المؤامرات والخيانة.
وقال في ختام حديثه: "التاريخ لا يكذب، وكل من استأجر الإخوان خُذل بهم. من الملك فاروق إلى عبد الناصر والسادات ومبارك.. كانت النهاية واحدة: خيانة وغدر، وكأنها لعنة تصيب من يثق في جماعة لا تؤمن إلا بنفسها."



